ولسنا نرتاب في أن ابن فارس عند استشهاده بهذا البيت الفصيح علم أن الأمثلة التي تحاكيه قليلة نادرة، وأن النحاة لا يعدون نظائره مما يقاس، وأنه لا يقاس منه إلا ما قالته العرب: "والمحفوظ عبشمي في عبد شمس، وعبدري في عبد الدار، ومرقسي في امرئ القيس، وعبقسي في عبد القيس، وتيملي في تيم الله"1، فكيف تساهل ابن فارس في بناء مقاييس الرباعي على حكم لا يطرد، وأصل لا ينقاس؟
أكبر الظن أنه لم يبتدع مثل هذا المذهب -ودنيا النحاة ما تزال تضج في عهده بالقول المشهور: "القليل لا يقاس عليه"2- إلا حين رأى رأي العين فساد الأدلة على أصالة الحروف في الأسماء الرباعية والخماسية، وإذا هو ينكر هذه الأصالة فيما نحت من كلمتين، أو زيد عليه حرف في أوله أو وسطه أو آخره، لا في الأسماء وحدها، بل في الأفعال والصفات أيضًا، معولًا في هذا الكتاب على ما سمع من العرب -وإن يكُ قليلًا- من النسب إلى اسم منحوت من اسمين3.
ولقد كان بعيد النظر ثاقب الفكر حين نبه على أن الرباعي لا يفسر دائمًا بظاهرة النحت؛ لأنه على ضربين: "أحدهما: المنحوت الذي