تفيد بتقدم الأولى عليها، فلا سبيل إلى الظن بأنها مرادفة للأولى، وإن أوهمت الترادف وبدت كأنها من قبيله1، أما الإبدال فيحتمل كثيرًا في لفظتيه أن تكونا مترادفتين، تفيدان فائدة واحدة من غير تفاوت؛ بل ربما كان أنصار تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني يشترطون هذا الضرب من الترادف بين اللفظتين المبدلة والمبدل منها، وإلا لتصاقبت الألفاظ من غير أن تتصاقب معانيها!
ومع أن العرب أمة حكيمة لا تضع شيئًا سدى -كما علمنا أسلافنا في آثارهم وكتبهم- ومع أنها قصدت من التابع أن يفيد التقوية، وجعلته أشبه شيء بأوتاد تَتِد به كلامها2، لم يستنكف العلماء أن يعترفوا بجهلهم معناه، كما قال أبو حاتم السجستاني في بسن3: لا أدري ما هو!
وإذا بطائفة من الباحثين لا يجدون في جهل معنى التابع بأسًا ولا ضررًا، حتى قال التاج السبكي: "وجهل أبي حاتم بمعناه لا يضر، بل مقتضى قوله: إنه لا يدري، معناه أن له معنى، هو لا يعرفه". ومضى التاج يفرق بين معنى التقوية في التابع ومعنى التقوية في التأكيد، فقال: "والفرق بينه وبين التأكيد أن التأكيد يفيد في التقوية نفي احتمال المجاز. وأيضًا فالتابع من شرطه أن يكون على زنة المتبوع، والتأكيد لا يكون كذلك"4.
فإن يكن التابع -عند القائلين بأنه له معنى- لا يزيد معناه عن التقوية، مشابهة للتأكيد أو مختلفة عنه، فكيف بهم يخلطون بعض صور الإبدال ببعض صور الإتباع، على الرغم مما يشترط في الصورة المبدلة