المد واللين، وما تكسب الشعر من النغم والتلحين1. ولكن هذه الصور من الإبدال -على خفتها وكثرتها وجريان اللسان بها- ولا ترتبط بالاشتقاق الأكبر من قريب ولا من بعيد، ولا يرضاها اللغويون شواهد على الإبدال الذي أخذوا به، وفرقوا بينه وبين الإعلال، وإنما يرضاها ويكثير منها الصرفيون الذين لم يروا بأسًا في عد الإعلال تابعًا للإبدال2.
ولم يفت الصرفيين أن يفرقوا في الإبدال بين شائع مشهور ونادر لا ينقاس، فقد رأوا الشائع يكثر وقوعه في حروف لا تزيد على اثني عشر كالتي جمعها أبو علي القالي في قوله: "طال يوم أنجدته"3.وجعلها بعضهم أربعة عشر حرفًا، وبلغ بها ابن مالك اثنين وعشرين4، وأراد ابن يعيش5 أن يعلل حصرها في واحد من تلك الأعداد المذكورة، فرأى أن مراد الصرفيين استقراء الحروف التي كثر إبدالها واشتدت واشتهرت بذلك، ولم يريدوا أنه لم يقع البدل في شيء من الحروف سوى ما ذكر6. أما النادر الذي لا ينقاس، فقد لاحظ الصرفيون إمكان وقوعه في جميع حروف الهجاء. ولعلهم بإدراكهم هذه الحقيقة فتحوا الباب للغويين على مصراعيه حتى استكثروا في الإبدال من الغرائب