بـ"البَجَاري " إذ يعلل وصفها بأنها "أمور متعقدة مشتبهة".

و أما في التقليب الأخير "ر ب ج" فقد ذكر ابن فارس كلمة واحدة هي "التربج" بمعنى التحيّر، وأبدى شيئًا من الارتياب في صحتها، ولكنه مع ذلك نسب إلى الخليل نفسه تفسيرها بالتحيّر2, ثم ذكر أن الرباجة بمعنى الفَدامة, قريبة من ذلك.

ومع أن ابن دريد يقتفي أثر الخليل، وينقل كثيرًا من أقواله، لم يورد في "جمهرته" شيئًا من الرباجة، فلعله لاحظ معناها في "الرباجيّ" فهو فَدْم أحمق؛ لأنه لا يعول على ما فعل، بل يفخر بأكثر من فعله.

وأيًّا كان، فمن أين طلع علينا ابن جني بمفهوم القوة والشدة حتى في هذا الرباجيّ الأحمق المغرور؟ وأي تكلف أبعد من أن نتصور هذا الفَخُور بنفسه يحسب أنه يحسن صنعًا، وهو -كما قال ابن جني- "يعظم نفسه ويقوي أمره"؟ قد يكون بين الرباجة والتعاظم الكاذب علاقة، ولكنّ كلّ رابط بينها وبين القوة مفقود، وكل سبب بينها وبين الشدة مبتوت!

والحقّ أن ابن جني -في باب الاشتقاق الكبير- لو اكتفى بإحراج نفسه فيما قصر عنه علمه من إدراك الجامع المشترك بين بعض التقاليب، لقلنا: رجل حاول، وهذا مبلغ علمه، وحسبه شرفًا أن قد حاول التنقيب عن خفيّ الروابط ودقيق المعاني، ولكنه أحرج اللغة التي يعضّها ويؤمن بسحر ألفاظها؛ إذ أجاءها إلى مضيق كبح فيه أنفاسها، وحبس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015