النصوص القديمة التي أورثنا إياها سلفنا الصالح، وصانها من عبث الأيدي علماؤنا الأبرار؟ أولم نعش في ظلال تلك النصوص؟ أولم نحمل طلابنا على أن يعيشوا في ظلالها آمنين؟ ألم نطبق عمليًّا على كتب المتقدمين ما هدتنا إليه نظرات العلماء المحدثين؟

فهل من عجب إذا سودت شواهد الأقدمين بياض كتابنا، وهذبت فيه مناهج المحدثين مقاييس أسلافنا، حتى جاء كالمرآة لملامح العربية في نشأتها وشبابها وكهولتها، وجاء معه الكثير من القديم الأصيل، والكثير من المبتكر الجديد!

ولن يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أثني أطيب الثناء وأزكاه على إدارة مطبعة جامعة دمشق وموظفيها ومستخدميها وعمالها، لما بذلوه جميعًا من عناية بهذا الكتاب حتى أخرجوه بهذه الحلّة الجميلة، وزينوه بهذه الطباعة الرشيقة، وحرصوا على الدقة في ضبط ما ورد فيه من النصوص القديمة، فلم يقع فيه من سهو التطبيع إلّا القليل النادر، وهذا النادر نفسه صححناه، في "التصويبات" ونرجو القارئ الكريم ألّا يمضي في القراءة قبل أن يصحح ما ندَّ من هذه الكلمات.

وبعد ... فإنا نسأل الله أن يجعل هذا الكتاب خالصًا لوجهه الكريم، ونرجو لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, أن يجد فيه -بعد الفراغ من قراءته- تلك المرآة التي أردناها صافية، تنطبع فيها ملامح الوجه العربيّ الأصيل، وتنمحي منها قسمات الشعوبيّ الدخيل.

دمشق في17 رمضان سنة 1379هـ-1960م.

صبحي الصالح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015