ذلكم أنها تحولت إلى ثعبان حقًّا، وهذا لا يمكن حدوثه في عالم السحر1.

إذًا فمعجزة موسى عليه السلام من جنس ما برع فيه قومه فكلاهما تحويل من حال إلى حال إلا أن السحر من حقيقة إلى خيال، وأما معجزة موسى فمن حقيقة إلى حقيقة وإذا عجز عنه أولئك فهم عن غيره مما لم يبرعوا فيه أعجز.

ولهذا كان أول من أدرك إعجاز موسى عليه السلام هم السحرة أنفسهم أدركوا من فورهم أن معجزة موسى عليه السلام ليست بسحر، وأن السحر لا يصل إلى درجتها وإنها لا يمكن أن تكون من موسى بل هي من رب موسى2 وإذا كانت من ربه فإنما أظهرها على يديه لتكون حجة على صدقه فأذعنوا من فورهم واستولى الإيمان على قلوبهم ولم يستأذنوا أحدًا؛ لأن ما أدركوا أقوى من أن يترك لهم فرصة للتردد والتشاور.

وانظر معجزة عيسى عليه السلام نما وازدهر الطب في عهده وبرع فيه قومه والطب له حده الذي ينتهي عنده في علاج الأبدان فهو يعالجها ما دامت الروح فيها لم تخرج، أما إذا خرجت فقد عجز الطب والأطباء ومن هنا بدأت معجزة عيسى عليه السلام حيث قال: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} 3.

فمعجزته عليه السلام من جنس الطب الذي برع فيه قومه وإذا عجزوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015