ولعلك تسأل بعد هذا لماذا لم يجمع القرآن في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مصحف واحد؟ وقد أجاب العلماء رحمهم الله تعالى على ذلك، وذكروا أسبابًا منها:

1- أن الله تعالى قد أمن نبيه عليه الصلاة والسلام من النسيان بقوله سبحانه وتعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى، إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} 1، أي ما شاء أن يرفع حكمه بالنسخ فلا خوف إذن أن يذهب شيء من القرآن الكريم، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فإن النسيان قد يقع فبادر المسلمون إلى جمعه في مصحف واحد2.

2- قال الخطابي: "إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة3.

وقال الزركشي: "وإنما ترك جمعه في مصحف واحد؛ لأن النسخ كان يرد على بعض، فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعض لأدى إلى الاختلاف واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ ثم وَفق لجمعه الخلفاء الراشدين"4.

3- أن القرآن الكريم لم ينزل جملة واحدة، بل نزل منجمًا في ثلاث وعشرين سنة.

4- أن ترتيب آيات القرآن وسوره ليس على حسب ترتيب نزوله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015