ومعنى هذا أن هؤلاء القوم قد أبقوا الاسم القديم "الألف" لإطلاقه على الهمزة "نطقا ورسما" واستغلوا صورته "واسمه كذلك لكن بإضافة كلمة المد إليه" للدلالة على الفتحة الطويلة، ثم وصلوا صورة الألف باللام في الحالة الثانية حتى "نتمكن من النطق بها". قال ابن جني: "واعلم أن واضع حروف الهجاء لما لم يمكنه أن ينطق بالألف التي هي مدة ساكنة -لأن الساكن لا يمكن الابتداء به1- دعمها باللام قبلها متحركة ليمكن الابتداء بها، فقال: هـ. و. لا. ى. فقوله: "لا" بزنة "ما ويا"، ولا تقل -كما يقول المعلمون- لام ألف"2. أما علة اختيار اللام بالذات لدعم ألف المد فلابن جني فيه تفسير لطيف، ولكنه لا يعنينا في هذا المقام3.

ونستطيع أن نستنتج من منهج أصحاب هذا الرأي أنهم يفضلون أو يميلون إلى كتابة الهمزة بالألف دائما، حيث خصصوا للهمزة رمزا مستقلا وللفتحة الطويلة رمزًا آخر، وإن اتفقا في الصورة والرسم. وقد سبق أن قررنا أن هذا هو ما يفهم من كلام ابن جني الذي صرح فيه بقوله: "اعلم أن الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمزة، وإنما كتبت الهمزة واوا مرة وياء أخرى على مذهب أهل الحجاز في التخفيف. ولو أريد تحقيقها ألبتة لوجب أن تكتب ألفا على كل حال. يدل على صحة ذلك أنك إذا أوقعتها موقعا لا يمكن فيه تخفيفها -ولا تكون فيه إلا محققة- لم يجز أن تكتب إلا ألفا، مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة. وذلك إذا وقعت أولا نحو: "أُخذ، أُخذَ، وإِبرهيم" فلما وقعت موقعا لا بد فيه من تحقيقها اجتمع على كَتْبِها ألفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015