المرحلة الثانية:

من الثابت أن اللغة العربية لم تعن في مراحلها الأولى برموز الحركات عنايتها برموز الأصوات الصامتة. ومما يتمشى مع هذا الوضع نظرة علماء العربية إلى أصول الكلمات التي تتألف -في رأيهم- من أصوات صامتة فقط، تتشكل إلى كلمات مختلفة الصيغ والأوزان بإضافة الحركات إلى هذه الأصول. فالحركات إذن في نظرهم شيء فرعي أو ثانوي. ولعل من أسباب هذه النظرة عدم وجود رموز مستقلة للحركات، إذ كان الكلام خلوا مما يدل على حركات الأصوات الصامتة. وكان الناس يفهمون ما يقرءون بالاعتماد على سياق الكلام وما يقتضيه المقام.

وكان هذا الإهمال مطبقا على الحركات كلها قصيرها وطويلها. ومن ضمنها الفتحة الطويلة التي لم يكن لها علامة مستقلة تدل عليها وظلت الحال كذلك إلى أن أحس الناس ضرورة وضع علامات مستقلة لهذه الحركات. فكان -ضمن ما قاموا به في هذا السبيل- أن استغلوا الألف "الدالة على الهمزة في الأصل" للدلالة على الفتحة الطويلة كذلك1. وأغلب الظن أنهم فعلوا ذلك لما رأوا من أن الهمزة "تقلب" فتحة طويلة في بعض موضع التخفيف، فاستعملوها في هذه المواضع وفي غيرها كذلك طردا للباب. وربما فعلوا ذلك أيضا تقليدا لما حدث في حالتي الياء والواو، فهما في الأصل كانتا رمزين للواو والياء بصفتهما صوتين صامتين فقط، أو ما يسمى أنصاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015