تحقيقها اجتمع على كتبها ألفا ألبتة. وعلى هذا1 وجدت في بعض المصاحف "يستهزأون" بالألف قبل الواو ووجد فيها أيضا "وإن من شيأ إلا يسبح بحمده" [الإسراء: 44] بالألف بعد الياء، وإنما ذلك لتوكيد التحقيق"2.
وهكذا يكشف لنا ابن جني العظيم في هذا الرد عن نقطة أخرى مهمة، لا في هذا المقام فحسب، بل في مناهج البحث اللغوي بعامة. ذلك أن عبارته السابقة تعني أننا في معاملتنا للهمزة نخلط بين لهجتين "بيئتين لغويتين" وبين مستويين كذلك: مستوى النطق ومستوى الكتابة. فنحن في النطق ننطق الهمزة وبذلك نتمشى مع اللهجة أو اللهجات التي تحققها، ولكننا في الكتابة نكتبها أحيانا على واو أو ياء "أما كتابتها بالألف فهو الأصل بالطبع" مراعين في ذلك تلك الصور التي تصير إليها الهمزة في لهجات التخفيف ومعناه أننا في النطق نتبع لهجة أو لهجات معينة، ولكننا في الكتابة نأخذ بحكم لهجة أو لهجات أخرى، تلك هي التي تخفف الهمزة.
وفي هذا العمل -في رأينا- خلط كبير تنتج عنه أحكام متناقضة أو متضاربة للظاهرة اللغوية الواحدة. أما سبب هذا الخلط فهو تعدد البيئة