في مكانه من بناء الكعبة حيث (إنَّ القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثُمَّ بنوها، حتى بلغ البنيان موضع الركن، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوروا وتحالفوا؛ وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دمًا، ثُمَّ تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعَقَة الدّم، فمكثت قريش على ذلك أربع ليالٍ أو خمسًا، ثُمَّ إنَّهم اجتمعوا في المسجد، وتشاوروا وتناصفوا، فزعم بعض أهل الرواية: أنَّ أبا أميَّة بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم، وكان عامئذٍ أسنّ قريش كلها، قال: يا معشر قريش: اجعلوا بينكم -فيما تختلفون فيه- أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا؛ فكان أول داخل عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمَّا رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: هَلُمَّ إليَّ ثوبًا، فأُتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثمَّ قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثُمَّ ارفعوه جميعًا، ففعلوا، حتى بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثُمَّ بنى عليه) (?).
إن الثقافة الإسلاميَّة بصفتها سمة ذاتيَّة وموهبة ربانية من جهة، وبصفتها سمات مكتسبة من جهة أخرى، تصدر في هذا وذاك عن ذلك