والنهي عن المنكر مِمَّا يوجب صعوبة على كثير من النفوس، فيظن أنه بذلك يسقط عنه فيدعه، وذلك مِمَّا يضره أكثر مِمَّا يضره الأمر بدون هذه الخصال أو أقل، فإنَّ ترك الأمر الواجب معصية، فالمنتقل من معصية إلى معصية أكبر منها "كالمستجير من الرمضاء بالنار" (?).

ومن الضوابط التي حدّدها العلماء -في ضوء قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد- أنَّهم جعلوا ما يتعلق بإزالة المنكر باليد: راجعًا إلى ولي أمر المسلمين، وليس إلى الرعيَّة، ونصوا على أن يتم التغيير باليد وليس بالسيف والسلاح، إلَّا ما كان من باب التعزير العائد لرأي السلطان، وذكروا -كذلك- أنَّ الأمر بالمعروف لا يليق بكل أحد، وإنَّما يقوم به السلطان. . . وينصب له من يرى فيه الصلاح والأمانة؛ وللعلماء في هذا نصوص كثيرة منها ما ذكره الإمام الجويني في قوله: (الشرع كله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، والدعاء إلى ذلك يثبت لكافة المسلمين إذا أقدموا على بصيرة، وليس للرعية إلَّا الوعظ والترغيب) (?)، وقال البيهقي: (ينصب الإمام في كل بلدٍ رجلًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015