وقال بعض المفسرين: (إنَّما يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا فينظرون إلى الأسباب، ويجزمون بوقوع الأمر، الذي في رأيهم، انعقدت أسباب وجوده، ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئًا، فهم واقفون مع الأسباب، غير ناظرين إلى مسببها، المتصرف فيها، {وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}، قد توجهت قلوبهم، وأهواؤهم، وإراداتهم إلى الدنيا، وشهواتها، وحكامها، فعملت لها، وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة، ومن العجيب أن هذا القسم من الناس، قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا، إلى أمر يحير العقول ويدهش الألباب، وأظهروا من العجائب الذريَّة، والكهربائية، والمراكب البرية والبحرية والهوائية، ما فاقوا به وبرزوا، وأعجبوا بعقولهم، ورأوا غيرهم عاجزًا عما أقدرهم اللَّه عليه) (?).
ويندرج تحت هذا النوع من العلم ما توصَّل إليه الإنسان في هذا العصر من (أنواع المعارف الإنسانية، سواء كان مصدرها العقل كالرياضيات، أم الحس والتجربة بالإضافة إلى العقل كالطب) (?). ولكنها مهدَّدة بصور عدّة من العقاب الإلهي إذا لم ترتبط بالإيمان باللَّه، والسير في طريقه المستقيم، قال تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام: 6]، وقال تعالى: {فَكُلًّا