ففيما يخص هذا الجانب يظهر أن (ماسنيون) يريد بطريقة غير مباشرة محاولة أن يثبت من خلال بحثه في شخصية (الحلَّاج) التطابق الذي يكاد يكون تامًّا بين فلسفة العبادة في الإسلام والنصرانية، وبما أن النصرانية هي السابقة فإنَّ الإسلام وأمته تكون في وضع المحاكي المقلد.
أ- ما ذكره عمر فروخ عن (ماسنيون) من أنَّه (جعل همَّه دراسة (التصوف المتطرف) وفيما يتعلق (بالحلَّاج خاصة) (?)، على الرغم من أنَّ (الحلَّاج) (كان أشد الناس عداوة للإسلام وأشد عداء للمسلمين من الكفَّار: ادَّعى الألوهيَّة فقتله العباسيون بذلك، ولكن أتباعه قالوا: إنَّه لم يمت ولكن (شبهه) ألقي على غيره، فقتل العباسيون شبهه هذا ولم يقتلوه هو (تشبيهًا بالمسيح) (?).
ويقول أيضًا: (ولَمَّا أصدرت كتابي (التصوف في الإسلام) في طبعته الأولى (1366 هـ - 1874 م) ثُمَّ زار (ماسنيون) بيروت عاتبني على ما كتبته عامَّة وخاصة، فلم أبدل رأيي في الضرر الذي أصاب المسلمين من حركة التصوف المتطرف والتصوف المعتدل أيضًا) (?)، مِمَّا يدل على الاهتمام البالغ من لدن (ماسنيون) بهذا الجانب ومحاولته إبرازه وترسيخه في واقع المسلمين، وقد التفت عمر فروخ إلى أمرين تجدر الإشارة إليهما:
الأول: أن (ماسنيون) كان مستشارًا في قسم المستعمرات بوزارة الخارجية الفرنسية (?).