البخاري عن ابن عباس قال: "كانت عكاظ ومجنَّة وذو المجاز أسواقًا في الجاهليَّة، فتأثموا أن يتَّجرُوا في المواسم، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، في مواسم الحج" (?)، وممَّا قبل في معنى قوله تعالى: {مِنْ رَبِّكُمْ} يشعر بأن ابتغاء الرزق مع ملاحظة أنه فضل من اللَّه تعالى نوع من أنواع العبادة) (?).
وتحسن الإشارة في ختام هذا إلى أن العبادة في الإسلام توقيفيَّة -كما سبق بيان ذلك-، وحق التشريع فيها مقصور على اللَّه وحده؛ (لأنَّه المتعبَّدُ، الذي خلق العباد لعبادته، وهو أعلم بما يتعبدهم به، وأخبر بما يصلح لهم من عبادات، وما يرضيه من أعمال. . . {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، ولو ترك الناس وشأنهم في اختيار أنواع العبادات، لخبطوا فيها خبط عشواء، وهذا مظهر من مظاهر نعمة اللَّه في إكمال دينه، وإتمام نعمته، وحكمة إرسال رسله، وإنزال كتبه. . . وهذه الخصيصة التوقيفيَّة، متفق عليها بين العلماء جميعًا. . . وذلك عائد إلى توافر الأدلة عليها، وتضافرها على الأمر بالاتباع وذم الابتداع، من ذلك قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" (?)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" (?). . . . وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في شأن