وقال -أيضًا- في مكان آخر: (إنَّ ترك الفواحش من زكاة النفوس، وزكاة النفوس تتضمن زوال جميع الشرور من الفواحش والظلم والشرك والكذب وغير ذلك) (?).
ثُمَّ إنَّ انسجام المكلف مع حقائق الوجود، وشعوره بوجوده هو لا يتحقق إلَّا بعبوديته للَّه (وإذا تبين هذا، فكلما ازداد القلب حبًّا للَّه ازداد له عبوديَّة، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبًّا وحريّة عما سواه، والقلب فقير بالذات إلى اللَّه من وجهين: من جهة العبادة، وهي العلَّة الغائيّة، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلّة الفاعليَّة، فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يلتذ، ولا يسعد، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن إلَّا بعبادة ربه، وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن، إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذَّة والنعمة والسكون والطمأنينة، وهذا لا يحصل إلَّا بإعانة اللَّه له، لا يقدر على تحصيل ذلك له إلَّا اللَّه، فهو دائم مفتقر إلى حقيقة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]) (?).
* * *