ولذلك فإنَّ جوهر العبادة وروحها الحقيقية هي كما قال ابن تيمية: (غاية الذل للَّه بغاية المحبَّة له) (?)، وإنَّما شرعت العبادات المفروضة من صلاة وزكاة وحج وصوم ونطق بالشهادتين ونحوها من العبادات المعيَّنة بأوصافها وأوقاتها لتدريب الإنسان على تحقيق العبوديَّة الشاملة للَّه، ولتذكيره بعظمة اللَّه وسلطانه عليه (?).

وأمَّا أسرار العبادة فإنَّها من الكثرة بمكان، ومنها ما هو ظاهر جلي، ومنها ما هو خفي حتى يصل إلى ما لا يحيط بعلمه إلَّا اللَّه -عز وجل- وفيما يأتي ذكر بعض هذه الأسرار:

أولًا: أن العبادة حق للَّه -عز وجل- على أن تكون خالصة له دون سواه، فهو المستحق للعبادة لأنَّه الخالق الرازق، الذي له الأمر كله، وإليه المصير، ومن حقيقة كونه الخالق المالك المتصرف، وما سواه عبيد له فإنَّه يستحق أن يعبد ولا يعصى، وأنْ يشكر ولا يُكفَر، وقد أمر بعبادته وجعلها الغاية من خلق الثقلين -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- (والأصل في العبادات أن تؤدى امتثالًا لأمر اللَّه، وأداء لحقوقه على العباد، وشكرًا لنعمائه التي لا تنكر. . .، والأصل فيها (كذلك) أنَّها ابتلاء لعبوديَّة الإنسان لربه) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015