وصنف منهم -وهم الجمهور من أفناء العرب، المقيمون في ديارهم- قد اقتنوا بالنسبة التي جمعت بينهم وبين صاحب الدعوة شرفًا لا يجهل أن يقال لهذا الدين في رفعته وجلاله: "دين العرب" (?): ويقال لهذا الملك في اتساع رقعته، وعلو مكانه: "ملك العرب" (?)، فهذه مجامع ما سَعِدَ به جيل العرب في أيام هذا الدين) (?).

ب- وأمَّا الأمم المجاورة للجزيرة العربيَّة فإنَّها نالت من إيجابيَّة الأُمَّة الإسلاميَّة الخيِّرة ما حرَّرَها من العقائد الفاسدة والمظالم المستحكمة، وأخذ بها في مدارج الرفعة والشرف، وللمثال على ذلك فإن الفرس وهم إحدى الأمم المجاورة للعرب والسابقة لهم في الميدان الحضاري، كانت على حالٍ قبل الإسلام ثُمَّ تحولت بدخولها الإسلام إلى حال آخر؛ ولمعرفة ما كانت عليه قبل الإسلام وما صارت إليه بعده، أنقل ما ذكره أبو الحسن العامري في قوله: (وأمَّا العجم فإنَّهم -مع ما كانوا رزقوا في أيام الأكاسرة من الأَبْنِيَات الحميدة، والآداب المنقولة، والعناية الصادقة بحفظ رسوم العمارة. . . ابتلوا بمحنتين عظيمتين، لا يدانيهما شيءٌ من المحن الدنيويَّة في الفظاعة والنُّكر:

إحداهما: عَوْقُ المَوَابَذَة - (جمع موبذان وهو مثل (البابا) عند النصارى) (?) - لدهمائهم -بالقهر- عن اقتناء الحكمة الإلهية، التي بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015