وقد استمرت هذه الصور البشعة التي اختلقها اللاهوتيون وقتًا طويلًا تسيطر على الشعوب الأوربية ولا زالت تتأكد في العصر الراهن بجهود الصهيونية وتأثيراتها على الدراسات الاستشراقية، وهيمنتها على الدوائر السياسية ووسائل الإعلام الغربية، وإذا كانت أصوات بعض المستشرقين وتلاميذهم تحاول نفي هذه الصورة عن الإسلام والأُمَّة الإسلاميَّة في الدراسات الاستشراقية الحديثة فإنَّ الاختلاف بين تلك الصورة المشار إليها وبين الدراسات الاستشراقية الحديثة وقع في أساليب العرض وطرق التناول فحسب، أمَّا المنطلق والغاية بين هذه وتلك فإنَّه لا يكاد يتغيَّر، ولم يحدث بصددها إلَّا تعديل طفيف لا يمس جوهر القضية (?).

ومِمَّا لا شك فيه أنَّ هناك آراء اتسمت بالنزاهة والإنصاف وأظهرت بطريقة ضمنية أو مباشرة وسطية الأُمَّة الإسلاميَّة، وقد وردت هذه الآراء في كتابات بعض المستشرقين، وسيجري بحثها لاحقًا.

2 - على الرغم مِمَّا حدث في التاريخ الغربي عقب القرون الوسطى؛ من حركات دينيَّة، وتطورات سياسيَّة، وما صاحب ذلك من التحولات الفكرية، وما كان لها من آثار على العلم والمعرفة، إلَّا أنَّ موقف الغرب بعامة والمستشرقين بخاصة -في مسار الحركة الاستشراقية العام- من وسطية الأُمَّة الإسلاميَّة كان موقفًا أقرب إلى الإنكار والجحود منه إلى فهم هذه الخصيصة من خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015