كانت النتائج، على الرَّغم مِمَّا أشار به عمر بن الخطاب، من التدرج معهم، ومهادنتهم (?)، إنَّ هذا الموقف مِمَّا يعزز ما سبقت الإشارة إليه من كون طبيعة الأحداث والمواقف في تاريخ الإسلام لها خصوصيتها ومنطلقها المشدود برباط الربانيَّة، والنظر في المستجدات وبحثها وفقًا للبحث عن مراد اللَّه فيها.
غير أنَّه يُمكن القول بأنَّ ما أشار إليه الباحث في قوله السابق يؤكد منطلق عالميَّة الأُمَّة الإسلاميَّة من خلال الناحيتين اللتين ذكرهما، وهما الوحدة العقيدية والوحدة السياسيَّة باعتبارهما أساس عالميَّة تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، وهذا ما أكده تطور الأحداث وامتدادها.
وبالنظر لتاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة منذُ أنْ أخرجها اللَّه للناس لتكون خير أُمَّة تؤمن باللَّه وتعلي كلمته وتطبق شرعه وتدعو لوحدانيته وطاعته، وجعلها بذلك شاهدة على الناس، انداحت دائرة امتدادها في مشارق الأرض ومغاربها من ذلك الحين وحتى العصر الراهن وإلى ما شاء اللَّه، وفي عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- تكونت الأُمَّة الإسلاميَّة من أفراد من العرب والروم والفرس والحبشة -كما سبق الإشارة إلى ذلك- ثُمَّ خرجت دعوتها إلى نطاق عالمي، إذ وصلت إلى (آذان) المسؤولين في الدولتين الكبيرتين في آسيا وأوروبا، وإلى الحبشة ومصر وإفريقية) (?).