وما قاله ابن حزم ينطبق على السُّنَّة من حيث الجملة لا على وجه التفصيل، كما ذكر الشاطبي فيما سبق ذكره.
وبالنظر لتاريخ السنة الشريفة تتجلى بعض صور ذلك الحفظ الرباني، فقد حفظ (الصحابة سُنَّة نبيهم في الصدور، ومن أمن منهم التباس السُّنَّة بالقرآن، كتب ما سمعه من رسول اللَّه بعد إذنه، وكان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى عن كتابة الأحاديث، ولا سيما إذا كتب هذا في صحيفة واحدة من القرآن، مخافة التباس أقواله وشروحه وسيرته -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقرآن، وقال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار" (?).
وظل الحال على هذا المنوال في عصر الخلفاء الراشدين، ولم يتغير الحال كثيرًا، فأبو بكر رضوان اللَّه عليه يجمع بعض الأحاديث، ثُمَّ يحرقها (?)، وهذا عمر بن الخطاب لا يلبث أن يعدل عن كتابة السُّنَّة بعد أن عزم على تدوينها. . . "فاستشار في ذلك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأشار عليه عامتهم بذلك، ثُمَّ عدل عن ذلك" (?).
وجاء في عصر التابعين، فمنهم من كان متشددًا في المنع. . . وما