تعتمد الفلسفة في استدلالها على قضايا الوجود على اصطلاحات فلسفية لا تصلح إلَّا لنخبة من العلماء الذين درسوها وحصلوا علومها، ومع ذلك فإنَّ هذا الضرب من الفكر يخالطه الشك والارتياب ويقبل الرفض والطعن (?)، وعن هذا قال الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل: (صحيح أن المتكلمين قد اخترعوا أدلة يُمكن أن يقال عنها إنها منطقية، ومثبتة لوجود اللَّه، وهذه الأدلة وما شابهها قد أقرها الفلاسفة الكبار، ولكن المنطق الذي تستند عليه هذه الأدلة هو منطق أرسطو، الذي قد رفضه -عمليًا- كل علماء المنطق باستثناء رجال الدين) (?).
أمَّا منهج العقيدة الإسلاميَّة في الاستدلال على قضايا الكون والحياة والإنسان وعلاقة ذلك بموجد الوجود كلَّه فإنَّه يقوم على أدلّة سهلة المأخذ ميسورة لجميع الناس، ولعل هذه الخصيصة كانت السبب في زعم بعض المفكرين (بأن القرآن يصلح. . . للعامة، والفلسفة تصلح للخاصة من الناس) (?)، أو كما قيل: (الديانة هي فلسفة الشعوب والجماهير. . . والفلسفة هي ديانة الأفذاذ الممتازين) (?).