الإسلامية وتعاظمها على أيدي العثمانيين الذين طرقوا أوروبا من بوابتها الشرقية بعد فتح القسطنطينية في سنة (857 هـ - 1453 م)، ثم اقتحموا أوروبا إلى المجر واستولوا عليها، ومع أن الأوروبيين أصيبوا بخيبة أمل متلاحقة، ووقعوا في الإحباط إزاء إخفاق خططهم ضد الإسلام، إلَّا أن الاستشراق وقادة الصليبية قاما خلال مرحلة طويلة امتدت حتى نهاية المد الإسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري -الخامس عشر الميلادي- بالعمل المتواصل على تحصين الغرب النصراني ضد عقيدة الإسلام وهديه وإعاقة انتشار دعوته في شعوب العالم الغربي (?).
أما المرحلة الثانية التي تبدأ منذ توقف المد الإسلامي ثم ما تلاه من الفترة التي أخذ فيها الانحسار عن أوروبا، حيث فقد المسلمون الأندلس نهائيًا، وذلك بسقوط غرناطة عام (897 هـ - 1492 م) ثم ما أعقب ذلك من ضعف العثمانيين على الجبهة الشرقية، فقد شهدت هذه المرحلة تغييرًا جوهريًا في موقف كل من الحضارتين الإسلامية والغربية، وبأن الخط البياني لكل منهما يأخذ اتجاهًا معاكسًا للآخر. . . وإزاء ما حل بالمسلمين من ضعف أصبح العالم الإسلامي يواجه أوروبا متغيرة عما كانت عليه في القرون الوسطى، واقترنت نهضتها بحركة استعمارية تتسم بعداوتها للإسلام والمسلمين، ورغبتها في الهيمنة على الأمة الإسلامية واستنزافها بحيث لا يختلف هذا الموقف الغربي في العصر الحديث عن الموقف في الماضي، ولا تنفك الرؤية الجديدة فيما سمي عصر النهضة عن الرؤية الغربية التي أفرزت الحروب الصليبية لعل من أصدق ما قيل في الموقف