ظلمتكم من أجركم من شيء؟! قالوا: لا. قال: فهو فضلي أوتيه من أشاءُ" (?).
وفي هذا الحديث ما يدل على تميُّز الأمَّة من نواحٍ عدَّة، منها:
أولًا: كونها حملت الرسالة بعد أن عجز عنها أهل الكتابين من قبلها.
ثانيًا: أنها وُفِّقَتْ في حمل الرسالة، وأداء الأمانة.
ثالثًا: كونها مُيِّزَتْ من ناحية مضاعفة الأجر بفضل من اللَّه.
رابعًا: ويدل على أنَّ الظرف التاريخي المتبقي من يوم الأمم المشار إليها هو للأمّة الإسلامية لفاعليتها الحضاريَّة الخيّرة، ولسيادتها في ظلِّ عبوديتها للَّه وأدائها لما اشترطه عليها، وهذا ما تأتى لها ردحًا من الزمن؛ فقد سادت بهذا التميُّز، وحققت به أفضل الحضارات التي شهدها تاريخ البشرية.
بيد أنَّ الحضارة الغربية سادت في العصر الراهن، وباتت الأُمَّة الإسلاميَّة تواجه تحديًا خطيرًا تحت وطأة هذا الواقع يمس هويَّتها الثقافية، ذلك أن الحضارة الغربية كما "أجمع مؤرخو الحضارة والثقافة الغربية على وحدة واطراد هذه الحضارة، وأنها وليدة تراكم تاريخي، وتفاعل ثلاثة عناصر متداخلة تشكل في مجموعها الأصل اليوناني الروماني المشترك لهذه الحضارة؛ هي الفكر اليوناني المتميز بنزعته العلمية وإبداعاته الفنية، والتراث الروماني المعروف بمؤسساته الإداريَّة والسياسيَّة، وأخيرًا الديانة المسيحية التي أعطتها الدفق الروحي" (?)، في حين تشكلت الهويَّة الثقافية