والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها. . .، وليوطئن لهم دينهم يعني ملتهم التي ارتضاها لهم، فأمرهم بها (?).

وأورد في سبب نزولها عن أبي العالية قال: (مكث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين خائفًا، يدعو إلى اللَّه سرًّا وعلانية،. . . ثمَّ أُمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها هو وأصحابه خائفون يصبحون في السلاح، ويمسون فيه، فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تغبرون (أي: لن تلبثوا) إلَّا يسيرًا، حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا فيه ليس فيه حديدة، فأنزل اللَّه هذه الآية" (?).

ومما تُعْلَمُ بهِ منزلة تميُّز الأمة الإسلامية وآثاره العظيمة ما أشار إليه ابن قيم الجوزية بقوله: (عزيزٌ غالبٌ مؤيدٌ منصورٌ، مكفيٌّ، مدفوع عنه بالذّات أين كان، ولو اجتمع عليه من بأقطارها، إذا قام بتحقيق الإيمان وواجباته، ظاهرًا وباطنًا. وقد قال اللَّه تعالى للمؤمنين: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، وقال تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35].

فهذا الضمان إنَّما هو بإيمانهم وأعمالهم التي هي جند من جنود اللَّه يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم ويقتطعها عنهم، فيبطلها عليهم، كما يتر الكافرين والمنافقين أعمالهم إذا كانت لغيره، ولم تكن موافقة لأمره (?)، وقال تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015