قال ابن السكيت: (إلا حرفاً واحداً جاء نادراً قالوا هذه عدوة الله) . ومعنى هذا أن الأصل في (فعول) أن يكون صيغة مبالغة يستوي فيه التذكير والتأنيث، فإذا أنث كان شاذاً. ولا يعني شذوذه هذا اقترانه بتاء التأنيث فحسب، وإنما يعني إلى ذلك صيرورته صفة مشبهة. ولم أر من صرح بهذا، غير أنه جاء في المصباح قول للأزهري (إذا أريد الصفة قيل عدوة) . وقد يتسامح الأئمة حيناً فيقحمون (فعولاً) في الصفات المشبهة. فقد اعتد ابن الحاجب في الشافية (فعولاً) زنة من زنات الصفات المشبهة، ومثل له بـ (غيور) من غار يغير لازماً على فَعِلَ بالكسر، ووقور من وقُر يَوقُر لازماً على فَعُلَ بالضم، ولم يعرض الرضيّ في شرحه لهذين المثالين (1/143-148) . وقد حكى الشيخ مصطفى الغلاييني (غيوراً) صفة مشبهة في كتابه جامع دروس اللغة العربية، كما جاء محمد أحمد المكاوي الأستاذ بكلية الدراسات العربية بجامعة القاهرة في كتابه التطبيقات العربية بـ (وقور) صفة مشبهة. والذي يفهم من كلام الأئمة أن (فعولاً) كغيور ووقور صيغة مبالغة لا صفة مشبهة، ولو التبس ما بُني من (فعول) من الفعل اللازم بالصفة المشبهة لتقارب دلالتيهما فصيغة المبالغة تدل على التكثير والصفة المشبهة تدل على الثبوت. إذ كيف يتفق أن يكون الأصل في الصفات المشبهة أن تدخلها التاء الفارقة، وأن يكون الأصل في (فعول) بمعنى الفاعل ألا تدخله هذه التاء، ثم يكون فعول صفة مشبهة. وليس هذا حسب، بل كل ما ذكروه مما دخلته التاء من فعول هو (عدو) . إذ جاء في كلام الصفدي على لامية العجم (2/276) : (لم يأت فعول بهاء إلا في عدوة) . وإذا كان قد شذ من الصفة المشبهة صفات استوى فيها التذكير والتأنيث فقد جاء هذا من (فعيل) بمعنى الفاعل، وهو أصل في الصفة المشبهة كبعيد وقريب وصديق وكفيل.