أما (فعول) فلم يختص بفعل يغلب عليه بناؤه. لتدخله التاء كما تدخل الفعل الذي بني عليه. والواقع أنه قد سمع (فعول) مبنياً على فعَل وفعِل لازمين ومتعدّيين وعلى فعُل ولا يكون إلا لازماً. أما فاعل فقد ذهب الجمهور إلى أن بناءه من الأصل على (فعَل) لازماً ومتعدياً، و (فعِل) متعدياً.
فقد قال العرب (فعول) من فعُل كنزور من نزر إذا قل فقيل امرأة نزور قليلة اللبن، ولم يسمع نازر لأن فاعلاً لا يبنى على فعُل.
وقيل كسول من كسِل، وحصور من حصِر ورؤوم من رئم وفروق من فرق ولم يُسمع في معناها (فاعل) لأن فاعلاً لا يُبنى عند الجمهور على فعِل لازماً. وقد أدى هذا إلى كثرة (فعول) في المبالغة. قال الدكتور إبراهيم أنيس عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة في مجلة المجمع (18/82) : (والذي يبعث على الحيرة هو التسوية بين هاتين الصيغتين: فعول ومفعال، في فكرة القياسية، رغم أن ما ورد من أمثلة فعول في المعاجم العربية يكاد يبلغ ثلاثة أمثال ما ورد فيها من صيغة مفعال. ففي إحصاء سريع من قاموس الفيروزابادي تبين لنا أن عدد أمثلة فعول –379- على حين أن عدد أمثلة مفعال –147-) . فإذا كانت فعول للمفعول ألحقت بها التاء فرقاً بينها وبين ما هو للفاعل.
عدو على صيغة فعول:
هذا وقد جاء في التنزيل (إن هذا عدوٌ لك ولزوجك –طه/ 117) فما القول (عدو) هذا؟ بحث صاحب المغني (عدواً) في الآية، كما بحث (أكيلاً) في قول الشاعر:
إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي له
أكيلاً فإني لست آكله وحدي
قال ابن هشام (1/177) : (وفيه نظر لأن عدواً وأكيلاً، وإن كانا بمعنى معاد ومؤاكل، لا ينصبان المفعول، لأنهما موضوعان للثبوت وليسا مجاريين للفعل في التحرك والسكون، ولا محولان عما هو مجار له. لأن التحويل إنما هو ثابت في الصيغ التي يراد بها المبالغة) وأردف (وإنما اللام في البيت للتعليل وهي متعلقة بالتمسي، وفي الآية متعلقة بمستقر محذوف صفة لعدو، وهي للاختصاص) .