أخذ مجمع اللغة العربية بالقاهرة بقياس اشتقاق (فعول) للمبالغة من المتعدي واللازم حين الحاجة، وهو رأي صائب. وقد تقدم أن من الأئمة البصريين من يقول بقياس اشتقاقه. ويؤيد قياس (فعول) ما جاء في التاج (والمعقرب: النَّصور، كصبور من الصبر للمبالغة، المنيع.. قال شيخنا، ولو قال الناصر البالغ المنعة كان أدل على المراد وأبعد عن الإبهام، لأن بناء فعول من نصر، ولو كان مقيساً، لكنه قليل الاستعمال، ولا سيما في مقام التعريف لغيره) . فدل كلامه على أن صوغ (فعول) قياس، على كل حال.
وإذا كنا قد أبينا (فعيلاً) للمبالغة من لازم، فإن مجيء (فعول) منه، سائغ متقبل. وقد أحصى الأستاذ محمد شوقي أمين عضو مجمع اللغة العربية القاهري، مما جاء على فعول وهو من اللازم، مائة مثال أو يزيد، كما جاء في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق (لشهر نيسان 1955م) .
ولكن ما بال اسم المبالغة (فعول) هذا لا يتسع للازم ويضيق عنه اسم المبالغة (فعيل) فلا يأتي إلا من متعد. أقول الأصل في (فعيل) أن يكون صفة مشبهة، وهو مبني غالباً على (فعُل) بالضم، ولا يكون هذا إلا لازماً. فإذا خرج عن بابه إلى المبالغة لإيقاع الفعل على جهة التكثير فلا بد أن يبنى على غير اللازم.
أما (فعول) فالأصل أن يكون لإيقاع الفعل على جهة التكثير، ولا يقتضي حاله هذا أن يختص بلازم أو متعد، كما اقتضى حال (فعيل) في الأصل. ومن ثم اتسع لهما جميعاً وكثر ما جاء منه. بل من هنا ضاق مسرى (فعيل) إذا كان للمبالغة فقلّ تحوله عن اسم الفاعل. وقد أحصى الدكتور إبراهيم أنيس عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة في معجم الفيروزابادي (379) مثلاً لفعول، على حين لم يقع على أكثر من (147) مثالاً، من مفعال، كما جاء في مجلة المجمع القاهري الثامنة عشرة.