وقد استعمل العرب صيغة (فعَّال) في قصد آخر يناسب المبالغة والكثرة، وهو الصناعة والاحتراف وملازمة الشيء، فقالوا (الجمَّال والقصَّاب والخراط والدلال والسياف والعطار والحداد) ونحو ذلك، فما الذي قاله الأئمة في صوغه؟

صرح كثير من الأئمة بقياس (فعَّال) في هذا الباب، وهو باب النسب إلى الصناعة قال صاحب الهمع (2/198) : (ومنها الإغناء عن ياء النسب بصوغ فعَّال من الحرفة كخباز وقزاز وسقاء وبناء وزجاج وبزاز، ويقال خياط ونجار..) وقال (وقد يقوم فعَّال مقام فاعل كنبال بمعنى نابل، أي صاحب نبل. وقد يقوم فاعل مقام فعال كحائك في معنى حواك لأن الحياكة من الحرف ... ) وأردف (وكل هذا موقوف على السماع ولا يقاس شيء منه وإن كان قد كثر في كلامهم. قال سيبويه: فلا يقال لصاحب البر برار ولا لصاحب الشعير شعار ولا لصاحب الدقيق دقاق ولا لصاحب الفاكهة فكاه) . واستدرك فقال (والمبرد يقيس باب فاعل وفعال لأنه في كلامهم أكثر من أن يحصى) . ولم يستبعد ابن يعيش قياس (فعال) هذا، فقال في شرح المفصل (وكثر فعال حتى لا يبعد دعوى القياس فيه، وقل فاعل، فلا يمكن دعوى القياس فيه) .

وقد أخذ مجمع اللغة العربية بالقاهرة بقياس (فعال) للصناعة فقال: (يصاغ فعال قياساً للدلالة على الاحتراف وملازمة الشيء. فإذا خيف لبس بين صانع الشيء وملازمه، كانت صيغة فعال للصانع، وكان النسب بالياء لغيره. فيقال زجَّاج لصانع الزجاج، وزجاجي لبائعه) .

وقد عاب الأستاذ أسعد خليل داغر على الأب أنستاس ماري الكرملي قوله (بياع سماد) ، قال والصواب (بائع) . فاحتج الأب لورود (بياع) في مستدرك التاج، وفي مقدمة الأدب للزمخشري. واحتج الدكتور مصطفى جواد بالقياس فأحال داغراً على قول ابن عقيل (يصاغ للكثرة فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل، فتعمل عمل الفعل على حد اسم الفاعل) ، كما جاء في كتاب أغلاط اللغويين القدماء للأب الكرملي. فما الرأي في هذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015