واختلف النحاة في (أكيل) ، فمن قدّر في معناه المبالغة جعله محوّلاً عن (آكل) . ومن رأى أنه (المؤاكل) اعتده صفة للثبوت على (فعيل) بمعنى مفاعل. وهكذا نذير بمعنى منذر. قال صاحب المغني (وأما قوله تعالى نذيراً للبشر، فإن كان النذير بمعنى المنذر فهو مثل فعال لما يريد، وإن كان بمعنى الإنذار فاللام مثلها في سقيا لزيد) .

***

على أن هذا الذي اعتمده سيبويه في القول بقياس إعمال (فَعِل وفعيل) لا يقتضى القول بالقياس في اشتقاقهما. فالقياس في الإعمال إنما بني على القليل لأنه أصل، أما القياس في الاشتقاق فليس له ما يسنده من أصل أو كثرة. ذلك أن الأصل في الوصف إذا كان على (فَعِل) أن يشتق من فعل لازم على (فَعِلَ) بفتح فكسر، فيكون صفة مشبهة على الثبوت. وقلما يكون صيغة مبالغة تشتق من متعد لإرادة إيقاع الحدث على جهة التكثير. وكذلك (فعيل) فبابه إذا كان بمعنى الفاعل أن يكون صفة مشبهة تشتق من (فعُل) بالضم أو (فَعِل) بالكسر، وهما لازمان. أو يكون بمعنى المفاعل كالجليس والأكيل والنديم بمعنى المجالس والمؤاكل والمنادم، وهذه لا تعمل باتفاق.

ويندر أن يأتي لإيقاع الحدث من متعد على جهة التكثير ليعد صيغة مبالغة كعليم من عالم، وكرحيم من راحم عند من رأى أنه للمبالغة كما ذكره ابن يعيش في شرح المفصل (6/71) وأبو البقاء في كلياته (2/371) ، وقد ذهب هذا في موضع آخر إلى أنه صفة مشبهة من رحُم بالضم، معدولاً به عن رحِم بالكسر. وقد قالوا بمبالغة نذير وسميع وأليم وشبيه من منذر ومُسمع ومؤلم ومشبه وهو نادر أيضاً. ومن ثم كان القياس في إعمال (فَعِل وفعيل) لإيقاع الحدث على جهة التكثير صيغتين للمبالغة لا يستدعي قياساً في اشتقاقهما.

صيغة فعَّال في المبالغة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015