وإذا كانت الأخبار تعطي المعلومات للجماعات الفرعية كالجماعات السياسية الحاكمة، وتساعدها في محافظتها على السلطة، فإنها قد تؤدي من جهة أخرى إلى تقليل نفوذ تلك الجماعة الحاكمة، إذا ما تضاربت الأخبار عن الخسائر في وقت الحرب أو ادعاءات القادة بالنصر، أو حينما تهدف دعاية الأعداء عمدا إلى التهوين من شأن القادة والتقليل من قيمتهم في نظر شعوبهم.
والحقيقة أن نشر الأخبار قد ينطوي على خلق تطلعات جديدة وتوقعات مبالغ فيها كما حدث في ثورة التطلعات في العقد الخامس في هذا القرن، ثم تلتها حالة من التذمر والإحباط بعدما ثبت أن من الصعب سد هذه الاحتياجات وإرضاء تلك التطلعات والآمال.
وقد يكون وقع الأخبار سيئا للغاية عندما يتكرر التحذير فيصاب الناس بالذعر، كما أن الفرد قد يتحول باهتماماته إلى حياته الخاصة، ويولي ظهره تماما للأخبار العامة، إذا ما كانت مبالغة في كميتها بحيث تغرق الفرد في بحر هائل من المعلومات التي لا يستطيع أن يفعل حيالها شيئا. وهنا تنشأ حالة من التبلد الذهني والوجداني؛ إذ يكتشف الفرد أن كل ما يطلب منه هو أن ينفعل دون أن يفعل شيئا، وهذا هو جوهر الشخصية السلبية.
ولا شك أن للأخبار آثارها الحميدة في نقل الثقافة من مجتمع إلى آخر بغية التنوع والإثراء الحضاري، غير أن الأخبار التي تترك دون رقابة أو عناية قد تؤدي في نهاية الأمر إلى نوع من الغزو الثقافي، واجتثاث للثقافة الأصلية المضيفة للثقافة الوافدة.
وتأتي وظيفة التفسير والتوجيه لمساعدة الفرد على تجنب المبالغة في تقويم الأحداث، وكذلك في الإسراف الشديد في الحساسية. فالصحفي الحديث يعرف أنه مسئول عن وضع الأحداث في نسبها الحقيقية، وإعطاء الأخبار وزنها النسبي السليم. ومن الثابت أن أحكامنا السياسية والعامة لا تصدر نتيجة تأثرنا بالواقع الموضوعي وحده، وإنما تصدر أيضا عن فهمنا وتصورنا لهذا الواقع الموضوعي من خلال تأثرنا بالصحافة وغيرها من وسائل الإعلام. فالمؤثرات التي تحيط