ويقول هارولد لاسكي في كتابه "محنة الديمقراطية": "إن القدرة على توجيه الأخبار وجهة معينة هي نفسها القدرة على حرمان القراء من أن تصل إليهم المادة التي يستطيعون بها أن يكونوا لأنفسهم رأيا في كل مشكلة. وأن من يوازن بين الطريقة التي عالجبت بها الصحافة البريطانية موضوع نزع السلاح في وقت انعقاد مؤتمر جنيف سنة 1932، والطريقة التي عالجت بها تلك الصحافة أخبار السلوك الجنسي عند رجال الدين الإنجليز، في الفترة نفسها، ليشهد أن الصحافة الإنجليزية أولت كل اهتمامها للموضوع الأخير بقصد إهمال الموضوع الأول برغم أنه خطير. وهنا لا يجد القارئ صعوبة ما في اكتشاف الطريقة التي يتكون بها الرأي العام في بلد من بلاد الديمقراطيات الرأسمالية الغربية كإنجلترا".
ولا شك أن سلطة الصحافة في ممارسة النقد والتوجيه جعلها بمثابة السلطة الرابعة إلى جانب السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية. وقد قال توماس جيفرسون: إذا خيرت بين صحافة بلا حكومة أو حكومة بلا صحافة لفضلت الأولى على الثانية دون تردد. وكان الإمبرطور الألماني غليوم الثاني يرى أن الصحفيين قادة يوجهون الشعب، وأنهم بمنزلة كبار الضباط بالنسبة للجيش. ويقول جيمس برايس: إن الصحيفة هي التي جعلت الديمقراطية أمرا ممكنا.
ولقد قالها أرسطو منذ عدة قرون أنه إذا كان على المواطنين أن يختاروا حكامهم بالطرق الديمقراطية، وأن ينتخبوا زعماءهم بالأساليب الشعبية عن طريق الاقتراع، فلا بد لهم أن يعرفوا الكثير عن هؤلاء الحكام وأولئك الزعماء أو القادة. ولا شك أن الصحافة تقوم بمهمة التوجيه والإرشاد حتى يحسن الجمهور اختيار حكامه.
ويخطئ من يظن أن مهمة التوجيه والإرشاد مقصورة على المجال السياسي وحده؛ لأن الصحف تقدم للقراء توجيهات أدبية بالنسبة لقراءة الكتب والمقالات الجديدة، وكذلك توجيهات فنية بالنسبة للمسرح والفن والموسيقى والسينما