مقدس في موضوعيته. ومهما كانت الظروف والأحوال، فلا ينبغي أن تنشر أخبار كاذبة أو ناقصة أو ملفقة أو محرفة سواء بالنسبة للداخل أو الخارج.

غير أن هناك مجتمعات لا تؤمن بهذه الاتجاهات. لقد ذهب البعض إلى القول بأن الحقيقة هي ذلك الشيء الذي يخدم مصالحنا! فكل شيء لا يخدم المصلحة غير جدير بالنشر حتى لو كان صادقا وحقيقيا. إن بعض الدول الشيوعية لا تنشر أخبار عن الغرب، إذا ما أحست أن هذه الأخبار -رغم صدقها وموضوعيتها- لا تخدم سياسة الدولة. فالصين الشعبية مثلا لا تذيع أخبار الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة إنجازاتها العلمية في الفضاء، والهبوط على سطح القمر؛ لأنها ترى أن ذلك قد ينطوي على آثار سيئة بالنسبة للرأي العام الصيني.

ولا شك أن موضوعية الأخبار تتوقف إلى حد كبير على لون الجريدة وسياستها في التحرير. فصحف الرأي الحزبية تعمد إلى تلوين الأخبار لكي تبدو متفقة مع لونها السياسي، ومتمشية مع مبادئها، ومحققة لأغراضها وغاياتها. وقد تشوه هذه الصحف الحقيقة في بعض الأحوال أو تطمس معالمها في البعض الآخر، للتهوين من شأن الأعمال التي قام بها خصومها السياسيون.

وإذا كانت صحف الرأي الحزبية تعاني من تلوين الأخبار من زاويتها الحزبية، فإن الصحف التجارية المنتشرة في الغرب، تعاني هي الأخرى من ضغظ المعلنين عليها، وفرض بعض الاتجاهات على سياستها. وتسير الصحف التجارية عادة مع تيار الأغلبية، وقد تنزلق إلى نفاق الجماهير، والهبوط إلى مستوى الأخبار السطحية التافهة، أو أخبار الجريمة والعنف، ورغبة منها في رفع التوزيع، واجتذاب أكبر عدد ممكن من القراء. وكثيرا ما تتناقض هذه الصحف مع نفسها فتهاجم اليوم من كانت تمدحه بالأمس؛ لأنها تقف دائما إلى جانب الأقوى.

فإذا أضفنا إلى هذا كله أن الصحافة تعتمد اعتمادا كبيرا في استقاء الأخبار على وكالات الأنباء العالمية، وأن هذه الوكالات تخضع للسياسة العليا والمطامع الاستعمارية للحكومات، وهي تسخر عادة لأغراض وطنية ضيقة، فإن المشكلة تبدو معقدة بالنسبة للأخبار الصحفية. فإذا أضفنا إلى ذلك أن حرية تداول الأخبار ليست مكفولة في كل أنحاء العالم، وأن الرقابة كثيرا ما تفرض على البرقيات والمكالمات التليفونية والرسائل الصحفية لأغراض سياسية، كما تفرض الضرائب الباهظة على الأعمال الصحفية، وتقيد حرية انتقال الصحفيين والمراسلين الأجانب، فإن أبعاد الوطنية الأخبارية للصحافة تبدو في غاية التشابك والصعوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015