التقارب بين المستويات اللغوية:

وقد كانت مصر في أتعس أيامها وأحلك عصورها -في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر- تعاني من الانفصام العقلي في المجتمع، حيث سادت لغة أدبية منمقة متكلفة كتقليد سخيف للطريقة الفاضلية في الكتابة، عقيمة مصطنعة لم يألفها الشعب، ومن ثم لم يتأثر أو ينفعل بها، وويل للمجتمع إذا كان أدبه لا يتفاعل مع أفراده؛ إذ تتسع الهوة بين لغة الأدب ولغة الحياة اتساعا مفزعا، فيمرض العقل، ويذوي الفكر، ويتدهور المجتمع، وتتنافر طبقاته.

وقد وجدنا أن كل عصر يتخذ فيه الأدب لغة رسمية مصطنعة يختص بها، في أسلوب من الصور البيانية والحيل البديعة المتراكمة، يصبح الأديب فيه كالكاهن إنسانا غامضا، وشخصية رهيبة مفزعة، وتلك أعراض المجتمع المريض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015