لا يكتفي بذرف الدموع، بل تتحرك يده إلى زناد آلته ليلتقط صورا صادقة يعلم بذكائه الصحفي أنها لا بد وأن تحرك مشاعر الناس كما حركت مشاعره. وقد يشاهد المصور منظرا مضحكا فلا يكتفي بالضحك بل تتحرك أصابعه لتلتقط صورا معينة من زوايا فنية تثير الضحك بين القراء. أما بليد الحس الذي لا ينفعل بالأحداث ولا تتحرك مشاعره بمآسي الحياة ومهازلها فإنه لا يصلح مصورا ولا صحفيا. فمما لا شك فيه أن قوة الخيال والحساسية وإدراك مزايا الصورة الجذابة وخصائصها هي أهم صفات المصور الصحفي. وإذا كان المصور يلتقط معظم الصور بموجب تعليمات من رئيس تحرير القسم المصور أو غيره من رؤسائه، فإن قراراته في ميدان العمل تظل هي القوة الحاسمة المقدرة للصورة الفعلية التي يلتقطها. وهذه هي المميزات التي تجعل مصورا صحفيا يمتاز على غيره، كما أن ذلك ما تشهده عندما نتوجه إلى معرض للصور الصحفية الناجحة.

والحس الفوتوغرافي موهبة تصقلها الخبرة والدراسة بحيث تصبح الحياة بالنسبة للمصور سلسلة طويلة من الاحتمالات التي يمكن أن تلتقط بالعدسة. وهكذا ينظر إلى كل مجال وكل حدث وكل حركة من زاوية الصورة التي يمكن أن تعبر عنه. فمثلا يجب أن ينظر إلى الطفل الذي يحبو وراء أمه، والرجل المتكاسل على مقعده ينفث دخان سيجارته، والجمهور الذي يتدافع وراء أتوبيس مزدحم بالركاب، على أنها موضوعات قابلة للتصوير. وفي كل مناسبة يجب أن يفكر المصور في أفضل طريقة يلتقط بها الجوانب التصويرية التي تعبر عن جوهر المشهد. ولا يمكن أن يفعل ذلك إلا إذا أسعفته مقدرته على معالجة جهازه التصويري في يسر وبساطة. فالمصور الصحفي كالجندي لا بد وأن يعرف قيمة سلاحه ومداه وطرق استعماله، وهو في نهاية الأمر يستطيع أن يعمل بآلة التصوير والمعدات الأخرى كالعدسات الملحقة والفلاش والأفلام وكأنها جزء من نفسه. ويعرف المصورون الصحفيون أنهم كثيرا ما تضطرهم الظروف إلى التقاط الصور في الظلام الدامس دون الاستعانة بعود ثقاب أو حتى ضوء سيجارة. ففي الغارات الجوية مثلا تحظر الإضاءة بجميع أنواعها. وفي ظروف أخرى كتصوير الحرائق والحوادث المماثلة يقوم المصور الصحفي بالعمل في الظلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015