الأمريكية تفضل وضع الموضوعات الهامة في أقصى اليمين، وهذا على العكس من الصحف الإنجليزية التي لا زالت تضع هذه الموضوعات إلى اليسار.

ويرى علماء النفس أيضا أننا إذا وضعنا الموضوع الهام في غير مكانه الطبيعي، فإننا نرغم العين على التوقف والتبصر إرغاما، فيتأثر العقل تأثرا لا شعوريا، يفسد عملية القراءة الطبيعية. ويهمنا أن نذكر بالنسبة للصحافة العربية أن أبحاثا قد أجريت منذ سنوات لدراسة سلوك القارئ، ومن نتائجها أن القارئ العربي يمر ببصره على السطر من اليمين إلى اليسار فتكون الوقفة في أقصى اليسار، حيث ينبغي أن توضع الموضوعات الهامة. فإذا طبقنا هذه النتيجة العلمية الهامة، كان لا بد للمخرج الصحفي العربي أن يحدث انقلابا في الإخراج مثل الانقلاب الذي حدث في الصحافة الأمريكية، فتنتقل الموضوعات الهامة من اليمين إلى اليسار كما انتقلت هذه الموضوعات في الصحافة الأمريكية من اليسار إلى اليمين.

وإذا كان الإخراج البؤري يساعد على التعبير عن القيمة الإخبارية للمواد الصحفية، فإنه قد يفسد توازن الصفحة إذا لم يكن المخرج الصحفي شديد الحذر. فالمبالغة في العنوان البؤري قد تجعل مركز الثقل في مكان واحد فيختل توازن الصفحة، لكن المخرج الفنان يستطيع بمهارته أن يوزع العناوين توزيعا دقيقا على أجزاء الصفحة بحيث تشير جميعا إلى العنوان البؤري فتجذب النظر إليه، وتتوازن معه في الوقت نفسه فتخدم الوحدة الفنية للصفحة. فالمهم -إذن- هو أن تتساوى قوى الجذب والشد بحيث ينتج التوازن من تعادلها.

والواقع أن المذهب الكلاسيكي في الإخراج الصحفي يهدف بأساليبه المختلفة إلى اتساق الصفحة وتكاملها، بحيث ينظر إليها القارئ على أنها وحدة فنية تتضافر أجزاؤها جميعا للتعبير عن شتى الموضوعات، وينبغي أن تتدرج العناوين والصور والحروف من حيث الحجم ودرجة السواد من أعلى إلى أسفل على أن يكون هذا التدرج غير مفتعل، وإلا اختل التوازن وأصبح الجزء العلوي أثقل بكثير من الجزء السفلي.

أما إذا كانت العناوين متساوية السواد والحجم فإنها تبدو كالبقع أو كرقعة الشطرنج، كما أن الإسراف في الفراغات البيضاء يفسد الصفحة؛ لأن هذه الفراغات تتصل ببعضها وتكون أشكالا شاذة تفسد نظام الصفحة. ومن الخطأ وضع العناوين أو الصور على خط الطي "وهو وسط الصفحة التي تطوى عنده" ولكن ينبغي أن توزع العناوين والصور على جميع أجزاء الصفحة العليا الوسطى والدنيا لكي تتم الوحدة الفنية المتكاملة في تدرج واتزان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015