بالجمهور. ولذلك كانت أهم خصائص الفن الصحفي معالجة الأمور الصعبة بأسلوب سهل، وتفسير الانجازات العظيمة بعبارات سلسة بسيطة.

ولكن، كيف يفعل الصحفي ذلك؟

هذا هو موضوع الكتاب الذي بين يديك. وفيه نحاول تقديم الفن الصحفي كوسيلة إعلامية من خلال الكلمة والصورة والعنوان والرسم، وعلاقة الشكل بالمضمون، مع بيان كيفية التجسيد والتبسيط التي يقوم بها الصحفي، والوسائل التي تساعده على ذلك.

ولا بد في البداية من شرح أهداف الفن الصحفي وعلاقته بالمجتمع لمعرفة الوظائف والأغراض التي ينهض لتحقيقها، ثم نتناول بعد ذلك فنون التحرير المختلفة كإعداد للمضمون، ثم فنون الإخراج المختلفة كإعداد للشكل الذي لا يمكن فصله عن المضمون.

إن الفن الصحفي في حقيقة الأمر هو الفن الإعلامي الكلاسيكي الذي تعلمت منه سائر الفنون الإعلامية الأخرى كالإذاعة والتليفزيون والسينما. فما أنجزه الفن الصحفي عبر القرون الطويلة منذ اخترع جوتنبرج المطبعة في منتصف القرن الخامس عشر حتى الآن من استخدام للحروف والخطوط والرسوم والأشكال والصور لعرض الفكر الإنساني وتبسيطه للجماهير، كان الصيغة الأساسية التي بنت عليها الإذاعة فنها المرتبط بالموسيقى والكلمة المسموعة والمؤثرات الصوتية، وكذلك التليفزيون بالصورة المرئية المتحركة المقترنة بالصوت والموسيقى، كما فعلت السينما نفس الشيء على شاشتها الكبيرة.

فالفن الصحفي -إذن- هو فن الإعلام الكلاسيكي، الذي اشتقت منه سائر فنون الإعلام الأخرى أشكالها وفنونها وأساليبها طرائقها. فالنشرات الإخبارية، والتعليقات، والندوات، والتحقيقات والصور والإعلانات والجوانب القصصية والدرامية، تشترك جميعا في الفنون الإعلامية المختلفة، ولكنها ترتكز أساسا على خبرة الفن الصحفي الطويلة والمتنوعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015