مجموعة لا بد وأن يكون مرنا، فقد يكتشف الصحفي موضوعا فرعيا يشعر أنه أخطر وأهم من الموضوع الأصلي فيوجه عنايته إليه. والواقع أن الصحفي في هذه الحالة كالمحلل النفساني والبائع الناجح والسياسي الماكر والصديق المخلص ووكيل النيابة اللبق1 يسعى لجمع كافة المعلومات ويقومها ويوازن بينها. وما أشبه هذا الصحفي بلاعب التنس الذي يتعلم كيف يرد الكرة فوق الشبكة، وكيف يدفعها بقوة وفجأة من زوايا مختلفة2!
وإذا كان الصحفي يتصدى لجمع الحقائق والمعلومات من السلطات الرسمية، فيجب عليه أن يكون ماهرا في إجراء الحديث، وأن يتقن الاستماع والتحدث جيمعا، وأن يتحمس للموضوع وينقل حماسة للآخرين في اتزان وتؤدة؛ لأن الشخصية غير المتحمسة تشعر المصدر بعد الاهتمام. وليس معنى ذلك أن يكون تحمس الصفحي ذاتيا، فنحن نذهب إلى أن التحقيق الصحفي فن موضوعي، ومن الخطأ أن يبدأ الصحفي بوهم معين أو شائعة من الشائعات، ظنا منه أنها فكرة جديدة، ثم يأخذ في جمع المعلومات والبيانات والأحاديث التي تثبت ذلك الوهم أو الشائعة. وكم من تحقيقات بنيت على آراء متطرفة، أو أفكار متعصبة، أو حملات شخصية متحيزة، يجهد فيها الصحفي نفسه ويلح على القارئ لإثبات أحكام مسبقة، بطريقة بعيدة كل البعد عن الأسلوب العلمي. ويلاحظ أن البكاء أو العويل، والمبالغة في التعبير، والسخرية المريرة، والمهاترة الفظة، والهجوم الشخصي المتطرف، ليس من الفن الصحفي في شيء. ولكن ليس معنى ذلك انعدام العاطفة، ففرق كبير بين التعبير الواقعي عن العاطفة، وبين الإغراق في الانفعال دون ضابط.