إلا أن الثورة الحقيقية في سعر الصحيفة، ثم في جماهيريتها وسعة انتشارها، قد نشبت سنة 1833 عندما أصدر هوراس جريلي1 أول صحيفة زهيدة الثمن وهي مورننج بوست2، ومع أن التوزيع كان ضئيلا، فقد ظهرت صحافة البنس الواحد لأول مرة في تاريخ أمريكا، وأصبحت الصحيفة في متناول الجميع. وبازدياد التقدم الآلي، وظهور الطابعات الحديثة، ارتفع توزيع الصحف، وبلغ توزيع نيويورك هيرالد3 77 ألف نسخة يوميا. وبلغ توزيع "تربيون" 200 ألف نسخة، و"لدجر"4 400 ألف نسخة.
وعندما تحول الاهتمام من المقال إلى الخبر خلال الحرب الأهلية وبعدها، وارتفعت أرقام التوزيع مرة أخرى، وخاصة عندما دخل "جوزيف بوليتزر" و"وليام راندولف هيرست" إلى ميدان الصحافة الشعبية، ظهور الصحافة الصفراء، وهي صحافة الإثارة الرخيصة. وما لبثت الصحافة أن سقطت في يد الاحتكارات الصحفية الضخمة، كما سقطت المشروعات الاقتصادية في أيدي الاحتكاريين، وهو الوضع الذي يتفاقم يوما بعد يوم في الصحافة الأمريكية الحديثة.
غير أننا نلاحظ أن ارتفاع التوزيع الضخم، وزيادة الإعلانات زيادة وفيرة، ورقي الأساليب الفنية والتكنولوجية، قد أثر تأثيرا بالغا على الفن الصحفي الأمريكي وخاصة نتيجة للتفوق المذهل في فنون التصوير ونقل الصور سلكيا ولاسلكيا.