بدو أو شبه بدو لم يكن عندهم قانون مدون ولا قواعد معروفة يرجعون إليها إلا ما حصل عندهم من العرف والتقاليد والتجارب والمعتقدات المحرفة من اليهودية والنصرانية، فجاء الإسلام وأقر بعضا وأنكر على بعض وعدل بعضا إذا وافق اللوح المحفوظ.
مثال ما أقره الإسلام القسامة فقد أخرج مسلم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله أمر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية وقضى بها بين أناس من الأنصار1، وصوم يوم عاشوراء، فقد أخرج الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون صوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرا لله فنحن نصومه تعظيما له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق بموسى منكم. فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه"2. وقد أمر الإسلام بقرى الضيف وابن السبيل وحمل الكل وصلة الأرحام والإعانة في نوائب الحق، وهذه الأوصاف كانت تعتبر مزية من مزايا الجاهلية، وغيرها من أمور العبادة والطهارة من الجنابة وخصال الفطرة مثل الختان. ويروى أن أبا ذر كان يصوم ويصلي قبل أن يقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وكذلك قس بن ساعدة الإيادي. وكان أهل الجاهلية يحجون بيت الله الحرام ويعظمون شعائره وكان فيهم من يوحد الله مثل ورقة بن نوفل الأسدي من أسد بن عبد العزى وزيد بن عمر وابن نفيل العدوي من عدي بن كعب وعثمان بن الحويرث الأسدي من أسد بن عبد العزى. هؤلاء من قريش وعبيد الله بن الجحش الأسدي من أسد بن خزيمة من حُلفاء قريش. يروى أنهم اجتمعوا مرة يوم عيد لأحد أصنامهم فقالوا: نعلن