وقال الشعراني:
" راضى الصوفية أنفسهم بالجوع حتى صارت تصبر على الطعام أربعين يوما وأكثر , وبعضهم حجّ من مصر بأربعة أرغفة حملها معه أكل في كل ربع من الطريق رغيفا , وبعضهم حجّ برغيفين , رغيف أكله بمكة ورغيف أكله في العقبة , وبعضهم أكل في مصر من يوم خروج الحجاج فلم يأكل شيئا حتى رجع مصر " (?).
والصوفي الفارسي الباخرزي المتوفى سنة 736 هـ كتب أن المشائخ قالوا:
" لا تأكل ما تشتهي , وأن تأكل لا تطلبه , وأن تطلبه لا تتزين به , وقالوا: ما فوق الخبز فهو شهوة ولو كان ملحاً , ولكن البعض يقولون: أن الخبز من كبرى المشتهيات , وأعلاها اللحم والحلوى , وأدناها الملح والخلّ " (?).
ونقل ابن عجيبة الحسنى عن سهل التستري أنه قال:
" لأن أترك من عشائي لقمة أحب إليّ من قيام ليلة " (?).
ونقل العطار عن سري السقطي أنه كان يقول:
" منذ أربعين سنة تتمنى نفسي شرب العسل ولكني لم أجبها " (?).
وعلى ذلك يتركون التكسب ويرونه من المبغضات بل المنكرات والمحرمات , ويأمرون بالتسول والاستجداء أو الكسل والخمول مع أنه من سنة رسول الله وسنة خلفائه الراشدين المهديين بعده , الذين أمر المؤمنين بإقتدائه وأتباع سنتهم , وهو سنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة إلا من أعوز الفقر أو اقعدته الملمات.
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة لا تعد ولا تحصى , نذكر منها ما رواه المقداد بن معد يكرب أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من