ثم يعلّق عليها الوكيل بقوله:
يفتري سلطان الزنادقة أن الذات الإلهية - أتم وأجمل ما تتجلّى - في صورة النساء الجميلات , ويفتري أنها تجلّت في صورة ليلى وبثينة وعزة , وقد رمز بهنّ عن كل أمرأة جميلة عاشقة معشوقة , ولما كان من طبيعة هذا الرب الصوفي العشق , كان لا بد له من التجلّي في صور عشاق ليعشق , ويعشق , فتجلّى في صور قيس وجميل وكثير عشاق أولئك الغانيات.
وقد رمز بهم عن كل فتى اختبله الحب وتيمته الصبابة.
قم يفتري أيضاً الزعم بأن العاشق ليس غير العشيقة , بل هو هي , فالرب الصوفي عشق وعاشق وعشيقة (?).
وأما وحدة الأديان فيؤمن بها الصوفية نتيجة إيمانهم بوحدة الوجود , فيقولون: إن الله هو الظاهر في كل شيء , والشيء يطلق على الصنم أيضاً فكل من عبد شجراً أو حجراً , حيواناً أو إنساناً , كوكباّ أو ملكاً , فهو في الحقيقة يعبد الله , وهذا هو معنى " لا إله إلا الله " عندهم كما يقول عبد الكريم الجيلي:
" لا إله إلا أنا: يعني الإلهية المعبودة ليست إلا أنا , فأنا الظاهر في تلك الأوثان والأفلاك والطبائع , وفي كل ما يعبده أهل كل ملّة ونحلة , فما تلك الآلهة إلا أنا , ولهذا أثبت لهم لفظة الآلهة , وتسمية لهم بهذه اللفظة من جهة ما هم عليه في الحقيقة تسمية حقيقة لا مجازية , ولا كما يزعم أهل الظاهر أن الحق إنما أراد بذلك من حيث أنهم سموهم آلهة , لا من حيث أنهم في أنفسهم لهم هذه التسمية , وهذا غلط منهم وافتراء على الحق , لأن هذه الأشياء كلها بل جميع ما في الوجود له من جهة ذات الله تعالى في الحقيقة هذه التسمية تسمية حقيقة , لا كما يزعم المقلد من أهل الحجاب أنها تسمية مجازية , ولو كان كذلك لكان الكلام أن تلك الحجارة والكواكب والطبائع والأشياء التي تعبدونها ليست بآلهة , وأن لا إله إلا الله أنا فأعبدوني , لكنه إنما أراد الحق أن يبين لهم أن تلك