الباب السادس
مُصطَلحَات الصّوفية
إن للصوفية مصطلحات تعبّر عنها ألفاظ وكلمات وتراكب , ولها معان خاصة ومطالب مخصوصة غير ما يدّل عليه ظاهر الألفاظ والكلمات أو تتضمّن هذه الكلمات والألفاظ على مدلولاتها الأصلية ولكن لها معان أعمق وأكثر من مفهومها ومدلولها الظاهر بداهة ولأول وهلة فإنها لم توضع إلا لنوع معيّن وقسم خاص من المفاهيم والمقاصد الغير المتبادر إليها الذهن , ولكل قوم ما اصطلحوا عليه , فلا يدرك أبعادها , ولا يفهم مطالبها إلا من كان له معرفة وإلمام , وعلم وإدراك بمصطلحات القوم وبما اختاروا لها من الكلمات والألفاظ هي كالألفاظ , والكلمات كالكلمات ولكن لا يفهم منها شيئاً مع معرفته باللغة التي استعملت فيها تلك الألفاظ والكلمات , وإتقانه إياها , ويستغرب ويتعجب ويضل في متاهاتها , ويتحيّر في مسالكها وصحاريها وبراريها , وما أصدق ما قاله السمعاني في هذا الخصوص نفسه كما ينقل عنه الإمام الذهبي أنه قال:
" كان عبد القادر من أهل جيلان إمام الحنابلة وشيخهم في عصره , فقيه صالح ديّن خيّر , كثير الذكر , دائم الفكر , سريع الدمعة , تفقّه على المخرّمي , وصحب الشيخ حماداً الدباس , وكان يسكن بباب الأزج في مدرسة بنيت له , مضيناً لزيارته , فخرج وقعد بين أصحابه , وختموا القرآن , فألقى درساً ما فهمت منه شيئاً , وأعجب من ذا أن أصحابه قاموا وأعادوا الدرس , فلعلهم فهموا لإلفهم كلامه وعبارته " (?).
فلم يفهم منه شيئاً لأنه لم يكن له علم بمصطلحات القوم ومدلولات كلماتهم , وفي مثل ذلك قال من قال:
أما الخيام فإنها كخيامهم ... وأرى نساء القوم غير نسائها
وقد أقرّ بذلك صوفي قديم نقلا عن الشبلي أنه أنشد: