فقلت: يقولون: رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القوال , فقال: من قال لأستاذه: لِمَ؟ لايفلح؟ (?).
وبذلك صرح القوم أن " السباع أدعى للوجد من التلاوة , وأظهر تأثيراً , والحجة على ذلك أن جلال القرآن لا تحتمله القوة البشرية المحدثة , ولا تحمله صفاتها المخلوقة , ولو كشف للقلوب ذرة من معناه لدهشت وتصدعت وتحيرت , والألحان مناسبة للطباع بنسبة الحظوظ , وإذا علقت الألحان بالشعر كانت خفيفة على الطباع , لمشاكلة المخلوق بالمخلوق , ما دامت البشرية باقية " (?).
ويصرح الصفوري:
" فإن قيل: يتواجد المتواجد عند سماع الشعر دون سماع القرآن حتى انفتح لبعض المتفقهة باب الإنكار بهذا؟
فالجواب: أن القرآن كلام ثقيل لا يليق مع وجوده إلى السكون والإنصات , ولأنه يتكرر في الأسماع , ولأن الشعر كلام البشر فبينهما مناسبة , وأما كلام الله تعالى فلا مناسبة بينه وبين البشر " (?).
وقال الكمشخانوي:
" سئل إبراهيم الخواص: ما بال الإنسان يتحرك عند سماع الألحان ولا يجد ذلك عند سماع القرآن؟
فقال: لأن سماع القرآن صدقة لا يمكن أحداً أن يتحرك فيه لشدة غلبته عليه , وسماع الألحان ترويح فيتحرّك فيه " (?).
وقد صرح الغزالي ذلك بكل وضوح وجلاء , وبكلّ جرأة ويسأله بقوله:
" فإن كان سماع القرآن مفيداً للوجد فما بالهم يجتمعون على سماع الغناء من القوالين