تخطط إلا للمراعاة والمحافظة على العلوم والفنون , كيلا تلعب بها يد المحتالين المنتحلين والعابثين المبطلين. وما الله بغافل عما يعملون , ... وهذا مع أهمية الإسناد واهتمام المسلمين به لكونه عمدة ومعيارًا للقوي والضعيف والصحيح والسقيم, وعلى ذلك بوَّب الإمام مسلم بن حجاج القشيري بابًا في ((صحيحه)) لبيان أن الإسناد من الدين , ونقل فيه عن محمد بن سيرين أنه قال:
" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " (?).
وعن عبد الله بن المبارك أنه قال:
" الإسناد من الدين , ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء " (?).
وروي عنه أيضا أنه قال: " بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد " (?).
فهذه هي منزلة الإسناد عند أهل السنة وأئمتهم , ولماذا لا يكون؟
لأن الإسناد يعرِّف أسماء الرواة , وبأسمائهم تفتش عن أحوالهم , وبأحوالهم تحكم على مروياتهم , وإذا لم يكن ذلك لم يتأت الخبر , ولم يحصل اليقين , ولكن المتصوفة جعلوا الحديث لعبة يلعبون بها لإثبات مزاعمهم ونظرياتهم , فحديث الناس جعلوه حديثًا للنبي المعصوم - عليه الصلاة والسلام - معتمدين على كشفهم إلهامهم , فجعلوا الموضوع ثابتًا, والضعيف قويًا , والسقيم صحيحًا دون النظر إلى روايته ومصدره , قائلين بأنهم سمعوه عن النبي صلى الله عليه وسلم رأسًا , أو علموا تصحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة , أو بواسطة الملك , أو بتعليم الخضر , وهذه إحدى وجوه مخالفة العلم وطرقها.
وقبل أن نتقدم إلى فكرة أخرى نريد أن نذكّر الباحث والقارئ أن مخالفة العلم منافية لتعاليم القرآن والسنة , لأن العلم نور وضياء تستنير به الأمم طريقهم إلى الهدى , ويستضيئون به في ظلمات الطريق , ويصلون به إلى المقصود والمرام , ولا يخالف النور