إلى استعمال عقله في النظريات ولا يرجع إلى رأيه فيما يدله عليه فليطرده إلى منزله " (?).
ومثل ذلك بل أصرح وأوضح ما 1كره عبد الغني الرافعي حيث قال:
" إذا طلب المريد من شيخه دليلا شرعيًّا أو عقليًّا على ما ذكره من المعارف الإلهية والإشارات الربانية فليزجره ويهجره , وإن لم يفعل فقد خانه في التربية ... وذلك لأن الواجب في هذا الطريق التصديق للمرشد والتسليم لغيره , ويحرم على المريد الفكر والنظر في الأدلة , ويجب عليه الصمت وعدم التكلّم.
وإذا أصر المريد على الفكر والنظر في الأدلة , فليطرده , لئلا يفسد عليه بقية أصحابه , كما يجب عليه طرده إذا علم أن حرمته سقطت من قلبه (?).
وسبب ذلك أن " طريق القوم أمر خاص زائد على علوم الظاهر " (?).
والعلم الظاهر المقصود منه علم القرآن والسنة , فإن المتصوفة يريدون أن يترك المسلون تعلم كتاب الله ودراسة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعون خرافاتهم وخزعبلاتهم وأوهامهم التي يسمونها إلهامًا , وتخيلاتهم التي يسمونها كشفًا كما ذكر ذلك ابن عجيبة الحسني:
" كان طريق التصوف مؤسسة على الكتاب والسنة , وإلهامات العارفين الذين تنورت عقولهم, وانصقلت مرآة قلوبهم فيها فتجلى فيها ما كان حقًّا , وزهق منها ما كان باطلا , فكانت طريقتهم مبنية على التحقيق " (?).
فأضاف القوم إلى الكتاب والسنة أوهامهم وخرافاتهم أيضًا باسم الإلهامات , وهي الأصل والمحك عندهم , وعلى هذا الأساس خالفوا نصوص الكتاب والسنة ولم يسمحوا مجال الاعتراض لمريديهم التجاء إلى هذه القاعدة الصوفية كما سنبِّين ذلك في هذا الباب إن شاء الله.