وقد بسطنا القول في مسألة نزول الوحي وإتيان الملائكة في كتابنا " التصوف: المنشأ والمصادر " فليراجع إلى ذلك (?).
وعلى ذلك أدعى الصوفية أخذ العلم عن الله بلا واسطة , أي بلا واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم , وسيأتي بيان ذلك أيضا في الباب التالي إن شاء الله.
وإن القوم ليخالفون شرع الله , كتاب الرب وسنة النبي لأنهم لا يبالون بأوامرهما ومنهياتهما , وإن بعضاً منهم ليستخفّ بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم مثلما نقل السهلجي عن أبي يزيد البسطامي أنه قال:
" أراد موسى عليه السلام أن يرى الله تعالى , وأنا ما أردت أن أرى الله , هو أراد أن يراني " (?).
وحكى العطار وأبو طالب المكي وسبط ابن الجوزي عن بعض أصحاب أبي يزيد أنه قال:
" كان عندي شاب صغير ملازم للخلوة فقلت له: هل رأيت أبا يزيد؟ قال: لا. فتركته أياماً وأعدت عليه القول. قال: لا. فلما أكثرت عليه قال: رأيت الله فأغناني عن أبي يزيد. قال: فكررت عليه القول وهو لا يزيد على هذا. فغاظني. فقلت: لو رأيت أبا يزيد مرة كان أنفع لك من رؤية الله سبعين مرة. فقال: قم بنا إليه. فخرجنا نطلب أبا يزيد. وإذا به قد خرج من النهر وفروته مقلوبة على كتفه. فلما رآه الشاب صاح ومات. فقلت لأبي يزيد: ما هذا؟ فإنه ذكر أنه يرى الله وما مات. يراك فيموت؟ فقال: نعم! كان يرى الله على قدر حاله. فلما نظر إليّ. رأى الله على قدر حالي فلم يثبت فمات. قال: ثم داريناه فغسلناه وكفّنّاه وصلى عليه ودفنه وبكى " (?).
وحكى السهلجي والعطار عنه أيضاً أنه جاءه رجل فقرأ عنده:
" إن بطش ربك لشديد " قال أبو يزيد:
وحياته إن بطشي أشد من بطشه (?).