حمد الخطبة، والحمد الذي تستفتح به الأمور، وكما في تشهّد الحاجة، وكما في الحمد عقب الطعام والشراب واللباس والخروج من الخلاء، والحمد عند رؤية ما يسرّه وما لا يسرّه ... ".
ثم ساق - رحمه الله - جملةً كبيرةً مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من صيغ الحمد مما يقال في مثل هذه الأوقات، ثم قال: "فهذا جُملُ مواقع الحمد في كلام الله ورسوله وأصحابه والملائكة قد جُلِّيتْ عليك عرائسها وجُلِبَتْ إليك نفائسها، فلو كان الحديث المسؤول عنه أفضلَها وأكملَها وأجمعَها كما ظنّه الظانّ لكان واسطة عقدها في النظام، وأكثرِها استعمالاً في حمد ذي الجلال والإكرام"1. اهـ.
وبهذا التحقيق الذي ذكره - رحمه الله - يتبيّن ضعف هذه الصيغة في الحمد من جهة الرواية، وأنها لو كانت صحيحةً ومشتملةً على أكمل الصيغ لما عدل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما آثر غيرها عليها، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحبّ الجوامع من الدعاء، ويدَعُ ما سوى ذلك"، رواه أبو داود وغيرُه.
وسبق أن مرّ معنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الدعاء الحمدلله"، وبهذا يُعلم أنَّ هذه الصيغة في الحمد لو كانت أكملَ لما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إنَّه - أيضاً - لا يمكن للعبد أن يحمد الله حمداً يوافي نعمة واحدة من نعم الله، فضلاً عن موافاته جميع نعم الله، ولا يمكن أن يكون فعلُ العبد وحمدُه له مكافئاً للمزيد، قال ابن القيّم - رحمه الله -: "فهذا من أمحل المحال، فإنّ العبد لو أقْدَرَه الله على عبادة الثَّقلين لم يقم بشكر أدنى نعمة عليه.... فمن الذي يقوم