وممّا ورد في فضل الحمد وعِظم ثوابه عند الله ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعريِّ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطَهور شطرُ الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصَّبرُ ضِياءٌ، والقرآن حجّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو فبائعٌ نفسَه فمعتقُها أو موبقُها" 1.

فأخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن عظيم فضل الحمد وعظيم ثوابه، وأنَّه يملأ الميزان، وقد قيل: إنَّ المراد بِملئه الميزان أي: لو كان الحمد جسماً لملأ الميزان، وليس بسديد، بل إنَّ الله عز وجل يمثّل أعمال بني آدم وأقوالهم صُوَراً يوم القيامة وتوزن حقيقةً، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" 2.

فالحمد شأنُه عظيمٌ، وثوابُه جزيلٌ، ويترتّب عليه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله، وأهله هم الحَرِيُّون يوم القيامة بأعلى المقامات وأرفع الرُّتب وأعلى المنازل، فإنّ الله عز وجل يحبُّ المحامدَ، ويحبُّ من عبده أن يُثنيَ عليه، ويرضى عن عبده أن يأكلَ الأكْلةَ فيحمده عليها، ويشربَ الشربَةَ فيحمده عليها، وهو - تبارك وتعالى - المانُّ عليهم بالنعمة والمتفضِّل عليهم بالحمد، فهو يبذل نعمه لعباده، ويطلبُ منهم الثناءَ بها وذكرها والحمد عليها، ويرضى منهم بذلك شكراً عليها، وإن كان ذلك كلُّه من فضله عليهم، وهو غير محتاج إلى شكرهم، لكنه يحبُّ ذلك من عباده حيث كان صلاحُ العبد وفلاحُه وكمالُه فيه، فلله الحمد على نعمائه، وله الشكر على وافر فضله وجزيل عطائه حمداً كثيراً طيّباً مباركاً كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015