وحديث عياض بن حمار المجاشعى رضي الله عنه أن رسول الله ?صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبداً حلالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً ... الحديث"1.

فهذه الأدلة صريحة في بيان أن الإنسان مفطور على الإقرار بالخالق، والعبودية له وهذا هو التدين وذلك باعثه -ومن أصدق من الله حديثا-.

كما دلت هذه الأدلة أيضاً على أمرين:

أحدهما: أن هذه الفطرة والإقرار بالخالق إلهاً ورباً، قابلة للتأثر والتغير والإنحراف بفعل مؤثرات خارجية، ولذلك نعتقد بأن السبب في وجود الوثنيات السابقة في الأمم البائدة، واللاحقة في الأمم القديمة والحاضرة هو هذه المؤثرات التي وردت في هذه النصوص.

ثانيهما: أن المؤثرات التي تؤدي إلى انحراف الفطرة عن وجهتها الصحيحة على ضوء هذه الأدلة ثلاثة وهي:

1- الشياطين: وهي المؤثر الخارجي الأصلي والأول في هذا الأمر كما دل على ذلك حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه المتقدم.

2- الأبوان ويقوم المجتمع بدور الأبوين في حال فقدهما: وهذا المؤثر هو أقوى المؤثرات، وأخطرها لشدة التصاق الأولاد بآبائهم وقوة تأثيرهم عليهم. وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015